الهجرة غير الشرعية

الحياةُ اليوميَّة وصراع البقاء

باتت الحياة اليوميَّة في عالمنا العربي تشكِّلُ تحدِّياً مستمرَّاً، وخاصَّةً أمامَ المواطن البسيط، فوسطَ هذه الأزمات المُتتالية من الحروب، والنِّزاعات، والارتفاع الحادِّ في تكاليف المعيشة؛ أصبح من الصَّعب على الكثيرين تأمينُ قوت يومهم، وسدُّ أبسطِ احتياجاتهم الأساسية. الكثيرُ من الأُسَرِ تستيقظ يوميَّا على همِّ توفير الخبز والدَّواء، وتأتي معها أعباءُ الفواتير، والضَّرائب، وأجور السَّكن، والمواصلات، لتزيدَ من حجم المأساة، وتفتحَ باباً جديداً من النَّفقات لا يمكن إغلاقُه، ومع تلاشي الأمل بتحسُّنٍ قريبٍ، ونُدْرةُ الدَّعمِ الحكوميِّ؛ بات الفقر آفةً تفتك بالبُسطاء، وتحوَّلت البطالةُ من مجرَّد إحصائِيَّاتٍ في لوائح الوزارات، ومُنظَّمات الرِّعايةِ الاجتماعيَّةِ، إلى كابوسٍ يؤرِّق الشَّباب، ويقدُّ مضْجَعَهُم. وأمام هذا الواقع المرير، لا يجد البعض خياراً سوى الهروب من بُلدانهم بحثاً عن حياةٍ أفضلَ لهم، ولأطفالهم، فيركبون البحرَ في قواربَ غارقةٍ قبل أن تبحر، أو يعبرون الحدود بطُرُقٍ غير شرعيَّةٍ، دون الاكتراثِ بالمخاطر، والصُّعوبات، لينتهيَ بهمُ المطافُ إمَّا نعوشاً عائمةً في مياهِ المُتوسِّط، أو لاجئينَ في مُخيَّماتٍ حدوديَّةٍ تَفْتَقِرُ لأبسط مقوِّمات الحياة، والمحظوظ فيهم يُلقى القبض عليه بتهمة الهجرة غير الشَّرعيَّة، ينام ويأكل على حساب الدولة المستضيفة، ويتنعّمُ بحريّته في سجنٍ ديمقراطيٍّ أكثر رفاهيّةً من منتجعات وطنه، وفنادقه ذات النجوم الخمس؛ لتكونَ هذه المُغامرة أشبهَ بلعبةِ قمارٍ الخاسر فيها يكتب نهايته المُؤلمةَ بيديه، والرابحُ ينجو من الموت السَّريع، ليبدأ رحلة الموت البطيء بحياةِ جديدةٍ أقلُّ ذُلَّاً في بلادٍ غريبةٍ لا يعرف لُغَتَها، ولا ثقافتها، علَّه يجدُ فرصةَ النَّجاة التي لم يحظَ بها في وطنه.


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عندما تصبح الحياة تحدّياً

الصّراع بين الغلاءِ والرّجاء: قراءةٌ إنسانيّةٌ بنظرة محايدةٍ